بسم الله الرحمن الرحيم
(((الشوق إلى الله تعالى )))
عن الامام علي : عليه السلام
(((( وإني إلى لقاء الله لمشتاق )))) (1).
ما هو الشوق ؟
الشوق هو رغبه نفسيه نابعه من القلب العاشق تجاه معشوقه , وهو تارة يكون نحو
الدنيا كالشوق إلى الاولاد والنساء والاموال والديار , وأخرى نحو الآخره كالشوق الى الجنه والحور العين والمنازل العاليه .
ومن الطبيعي أن الانسان يشتاق إلى الأمور الدنيويه من غير حاجة إلى عوامل خارجيه , فمن طبيعة الدنيا أنها تجذب الإنسان نحوها كما قال الإمام عليه السلام عن الدنيا : ( ... وشوقتهم بسرورها الى السرور ) (2) .
و أما في الامور الأخروية فإن الإنسان يحتاج إلى عوامل داخليه وخارجيه تشوقه إليها , ومن هنا جاء الأنبياء عليهم السلام , ليشوقوا الناس بالعالم الآخر , ونزل
القرآن الكريم بالآيات التي تشوق الناس بالجنه ونعيمها , وكثرت الروايات الشريفه التي تتحدث عما أعد الله تعالى للمؤمنين من الثواب والأجر في فعل الواجبات والمستحبات وترك المحرمات والمكروهات .
والناس في التشويق إلى العالم الآخر على نحوين :
الأول :
قسم أعرض عن الشوق إلى الآخرة وهم الأغلب , فعن الإمام علي عليه السلام :
(( سبحانك .. ثم أرسلت داعيا .. فلا الداعي أجابوا ولا في ما رغبت رغبو ا
ولا إلى ما شوقت إليه إشتاقوا )) (3 ) .
الثاني :
قسم اشتاق إلى العالم الآخر فتفرغوا لعبادة ربهم وحبسوا أنفسهم على الطاعه والتضحيه في سبيل الله تعالى , وأفضلهم المجاهدين الذين يشتاقون للشهاده شوقا إلى العالم الآخر .
عن الإمام علي عليه السلام في وصف المتقين : (( ولولا الأجل الذي كتب الله
عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب )) ( 4).
الشوق إلى الله تعالى ..
من الطبيعي أن الشوق إلى الشيء ينبع من القلب المحب , فالشوق إلى الدنيا ينبع من حبها والشوق إلى الآخرة كذلك وهكذا
الشوق إلى الله تعالى وإلى قربه ولقائه .
عن الإمام علي عليه السلام أنه قال: (( وإني إلى لقاء الله لمشتاق )) ( 5 ) .
وفي دعاء كميل : (( واشتاق إلى قربك المشتاقين )) .
والمشتاق إلى الله تعالى لا يزال ذكره ليلا ونهارا وقياما وقعودا وفي كل حالاته وسكناته ...
كما قال داود عليه السلام : (( إلهي اشتد الشوق مني إلى لقائك وحال بيني
وبينك خلقك )) ( 6 ).
عن الإمام الصادق عليه السلام : (( المشتاق لا يشتهي طعاما , ولا يلتذ شرابا , ولا يستطب رقاداً , ولا يأنس حميما , ولا يأوى داراً , ولا يسكن عمرانا , ولا يلبس ثيابا , ولا يقر قرارا , ويعبد الله ليلاً ونهاراً , راجيا بأن يصل إلى ما يشتاق إليه , ويناجيه بلسان الشوق معبراً عما في سريرته , كما أخبر الله تعالى عن موسى عليه السلام في ميعاد ربه : ((وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)) | طه :84 | , وفسر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن حاله :
(( أنه ما أكل ولا شرب ولا نام ولا اشتهى شيئا من ذلك في ذهابه ومجيئه أربعين
يوما شوقاً إلى ربه , فإذ دخلت ميدان الشوق فكبر على نفسك ومرادك من الدنيا
وودع جميع المألوفات واصرفه عن سوى مشوقك , ولبّ بين حياتك وموتك , لبّيك
اللهم لبّيك , ومثل المشتاق مثل الغريق , ليس له همة إلا خلاصه وقد نسي كل شيء دونه )) ( 7 ) .
إشتياق الله تعالى إلى العبد :
إذا حصل الشوق من الإنسان فإن الله تعالى يحبه ويشتاق إليه فـ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( يقول الله عز وجل : إذا كان الغالب على العبد الإشتغال بي جعلت بغيته ولذته في ذكري , فإذا جعلت بغيته ولذته في ذكري عشقني وعشقته , فإذا عشقني وعشقته رفعت الحجاب في ما بيني وبينه )) ( 8 ) .
وعن الإمام الرضا عليه السلام : (( إن الله عز وجل ليؤخر إجابة المؤمن شوقاً إلى دعائه )) ( 9 ) .
المصادر :-
1* نهج البلاغه : الكتاب 62 .
2* نهج البلاغه : قصار الحكم , 131.
3* نهج البلاغه : الخطبه 109 .
4* المصدر نفسه : 193
5* المصدر السابق : الكتاب 62
6* بحار الانوار : ج14 , 40 .
7* مصباح الشريعه : ص 196 .
8* ميزان الحكمة : مادة .عشق .
9* الدعاء : ص19 .
((((((((من كتاب فى رحاب الله جل جلاله ))))))))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق