بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا العمل اهداء الى سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء والى ابيها وبعلها وبنيها عليهم افضل الصلاة وازكى السلام
والى كل من بحث وفكر و جد واجتهد
وكتب هذه الاسطر
ولكل من شارك في نشر هذه العلوم والمعارف..حتى وصلت ليدي
والى والداي حفظهما الله
والى افراد اسرتي الصغيرة وبالخصوص ربها
والى أحبتي في كل مكان
مع تمنياتي للجميع بحياة زوجية سعيدة وهانئة
إلهام الأحمد
الغایة من الزواج
المصدر موقع الرشد الشيعي الاسلامي
نقلته بتصرف
المصیر الأبدي
یجب علی الإنسان أن یتّبع غایةً أساسیةً، لا فقط في أمر الزواج فحسب، بل في کل أمور و مراحل حیاته؛ و هذه الغایة هي طاعة الرب و التقرّب إلیه سبحانه و تعالی. و إنّ کل غایة سواها فارغة و زائلة، و لو کان عمل الإنسان لتنفیذ أمر الرب و کان هدفه إطاعة المعبود و عبودیته، فإنّ عمله لن یکون محدوداً بهذه الدنیا الفانیة، فانّ عمله سیتّصل بالله سبحانه و تعالی و یتّخذ صبغة إلهیة و سیجني الإنسان من ثمراته إلی الأبد و یقدّم صاحبه خطوة نحو خالقه الرحیم. و القرآن أیضاً یذکّرنا في مواقف عدّة بهذه النقطة، حیث یقول البارئ سبحانه و تعالی: " کل من علیها فان، و یبقی وجه ربک ذو الجلال و الإکرام " (1) و أيضاً یقول : " صبغة الله و من أحسن من الله صبغة . . . " (2)
من الممکن أن تکون هذه تجربة جدیدة في حیاتنا أو تکون هدفاً مثالیاً و غیر قابل للوصول في رؤيتنا، لکنّه و بالحقیقة و الواقع قابل للوصول و لو حصلنا علیه سوف ينفتح أمام أعیننا عالم جدید و من الممکن أن نشاهد مناظر من الجنة في حیاتنا الزوجیة.
معاً في سبیل المحبوب
بما أنّ الزواج مرحلة حساسة من مراحل حیاة الإنسان و لها أثرها المصیري في حیاته المادّیة و المعنویة، فأنّ تعیین الغایات الأساسیة في أمر الزواج تفوق أهمیتها سائر مجالات الحیاة. و تقول لنا التعالیم الإسلامیة بأن نجعل غایتنا من الزواج، التقرّب إلی الله و طاعته و یعني هذا أن نجعل هدفنا من الحیاة الزوجیة المساعدة و التعاون في طاعة و عبودیته الله سبحانه و تعالی. و یسعی الإثنان (الزوج و الزوجة) في کسب مرضاة الخالق في کل الأمور و أداء الواجب في جمیع لحظات الحیاة و أن یساعد الزوج زوجته في هذا المجال.
لو أخذت حیاتنا الزوجیة هذه الصبغة و بنیت علی هذا الأساس، سیزداد الحُبّ بینهم شیئاً فشیئاً و من البدیهي أن تکون هذه الحياة الجديدة (و حسب ما قدمناه) أبدية لا یدخل فیها الفناء. بما أنّ الأئمة الأطهار (علیهم السلام) و في کلام لهم، بیّنوا لنا أن مثل هذه الحیاة الزوجیة لا تنقطع حتی في الجنة و سیکون نور الزوجة أکثر من حور العین ألتي شاع صیت حسنها. و سیعیش الإثنان (الزوج و الزوجة) في الجنة جنباً إلی جنب.
زوجة هکذا ...
أنّ من المستلزمات الزوجة التي تستطیع أن تساعد الزوج في ذلک الطریق، أن تنتخب الزوجة کزوجها ذلک الهدف (المذکور) من بین الأهداف المختلفة ألتي یختارها الناس لحیاتهم، بوعیٍ و حرّیةٍ کاملین. و الصفة البارزة لهؤلاء الناس أنّهم یسعون في تقوی الله و إجتناب المحرّمات.
أمّا من الناحیة العملیة، فکیف نستطیع أن نتطلّع علی صفات الزوج الذي نرید إختیاره و کیف نختبره؟
علینا أن نلاحظ أنّ لعائلة الزوجة تأثیراً عمیقاً علی أخلاقها و صفاتها، فإن کان نظماً و تفاهماً عاماً یسود عائلة الزوجة، فهذا یعتبر ميزة غالية؛ نقصد أن یکون الأب حین تلاطفه و أنسه بالأسرة، مدیراً قویاً لهم و أنّ الأمّ لا تنسی المحبة و العاطفة للعائلة خلال منعطفات الحیاة المتتالیة.
و علی هذا الأساس و بغضّ النظر عن التأثیرات الإجتماعیة و أثرات البیئة في المجتمعات المختلفة، فمن الطبیعي أن یکون أساس شخصیة الإبن و کیانه یشبه الأب و کذلک البنت للأم فأنّه بالتدقیق في شخصیة و صفات الأب و الأم، یمکننا أن نطّلع بصورة نسبيّة إطّلاعاً علی شخصیة و صفات و أهداف الإبن أو البنت الذي أو التي نريد الزواج معه أو معها في المستقبل.
الإستفسار و السؤال من أقارب عائلة الزوج یعتبر أیضاً وسیلة مناسبة تساعدنا کثیراً في هذا المجال. و أیضاً یجب علینا أن نعلم أنّ الجمال و الإناقة هي مهمّة و لکن بالدرجة الثانیة من الأهمیة و الأهمّ هو الخلق الحسن و الهدف المتعالي، لأنّ الإنسان یعیش مع أخلاق زوجه و سلوکه لا مع جماله و لا حتی دراساته العليا و لذا لو بحثنا سنجد أنّ کثیراً من الرجال و زوجاتهم لهم مدارج علمیة عالیة، أو لهم صفات ظاهریة فريدة، و لکن مع ذلک یعیشون حیاة زوجیة سیئة للغایة.
إذن لا یبقی لنا أدنی شکّ بأنّ أساس و عمق الحُب و العطوفة الموجودة بین الزوجین و إستحکام حیاتهما الزوجیة یعود إلی الحوافز و الأهداف لهذا الزواج. إذن فانّ أرقی الأهداف للزواج، ستُحدث أقوی الصِلات بین الزوجین في حیاتهم. و لو إنتخبا الأهداف الإلهیة حقاً، فإنّ من الطبیعي سیسعيان للوصول إلی هذه الأهداف في جمیع لحظات حیاتهما و سیساعد الواحد منهما الآخر في هذا الطریق و في هذا الشکل من الحیاة الزوجیة، ستتأصّل المحبة و العطوفة و تدوم.
أجمل زواج، أقوی حُب
إنّ النموذج البارز للحیاة المفعمة بالمحبة التي ذکرناها، حیاة أمیرالمؤمنین و فاطمة الزهراء (سلام الله علیهما) و یجدر بنا أن نشیر هنا إلی مقتطفٍ منها کشاهد علی ما مضی من کلامنا. الحیاة التي کان سبب الوحدة و الألفة فيها و بين أرکانها حُبّ الله و کانت لحظات تلک الحیاة مليئة بذکره سبحانه دوماً ...
بعدما زوّج الرسول (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فاطمة الزهراء (علیها سلام) من أمیرالمؤمنین (علیه السلام)، دخل یوماً في بیتهم، فسأل علياً (علیه السلام) : کيف وجدت أهلک؟ قال: "نعم العون علی طاعة الله". و سأل فاطمة (علیها سلام) فقالت: "خير بعل". فقال الرسول: "اللّهمّ اجمع شملهما و ألّف بين قلوبهما و اجعلهما و ذرّيّتهما من ورثة جنّة النّعيم و ارزقهما ذرّيّةً طاهرةً طيّبةً مباركةً و اجعل في ذرّيّتهما البركة و اجعلهم أئمّةً يهدون بأمرك إلى طاعتك و يأْمرون بما يرضيك."(3) لو تأمّلنا قلیلاً، سنستغرب و نتعجّب کثیراً. فانّه و مع وجود شتی الکمالات الموجودة في فاطمة الزهراء (علیها سلام)، فأنّ أمیرالمؤمنین (علیه السلام) عندما یرید وصفها، تکون قمّة کلامه هي أنّها نعم العون علی طاعة الله.
و هذا مع العلم بأنّهما لم یکونا قد ترکا الحیاة العادّیة إشتغالاً بالعبادة دوماً، بل کانا کسائر الناس یعیشان حیاتهما الطبیعیة، و لکن کانت غایتهما من النوم و الطعام و العمل و سائر أرکان الحیاة هي طاعة الخالق و تحصیل رضاه سبحانه و تعالی و کانا یقصدانه و یبغيانه و لا یشرکان به أحداً.
و هنا یَکمن السرّ المحبة و العاطفة التي کانت موجودة بینهما. نعم، إنّ رضاه سبحانه و تعالی یخلق أقوی بناء وثیق في العالم.
الزواج هو السکون و الطمأنینة الشاملة
متابعة لهذه الرؤية إلی قضية الزواج، فانّ النتاج العملي الذي یذکره القرآن الکریم للزواج هو السکون و الطمأنینة الشاملة لکل أبعاد و کیان الإنسان، و کما تعلمون فإنّ الله سبحانه و تعالی یعتبر غایة الزواج الحصول علی السکون و الطمأنینة و یقول عزّ من قال: "و من آیاته أن خلق لکم من أنفسکم أزواجاً لتسکنوا إلیها و جعل بینکم مودّة و رحمة إنّ في ذلک لآیاتٍ لقوم یتفکّرون"(4) و بما أنّه سبحانه و تعالی لم یجعل قیداً للسکون و الطمأنینة، نستنتج أنّ الطمأنینة الحاصلة من الزواج تظهر في کل شؤون الحیاة و أنّ الزوجین سیحصلان علی طمأنینة و سکون في الأمور الإقتصادیة و الإجتماعیة و المادّیة و الأهمّ من ذلک المعنویة و النفسیة، حیث يبتعد عنهم التشويش و القلق و الإضطراب الکامن في وجودهم.
من الطبیعي أن یکون الحصول علی السکون و الطمأنینة في الشؤون المادّیة و المعنویة، هو إحدی الحوافز للإنسان یحرّکه نحو الزواج؛ لأنّه و قبل الزواج فأنّ الإنسان یشعر بوجود إضطراب و قلق في أعماقه و یسعی في إزالتهما. و عندما یسعی نحو الزواج طاعةً لأمر الله و تقرّباً به سیحصل علی السکون و الطمأنینة أکثر من آخرين، لأنّه و بنصّ القرآن الکریم فانّ الأمر الذي یشفي صدر کل إنسان و یطمأنه هو ذکر الله سبحانه و تعالی.
بدایة حسنة، مقدّمة لمواصلة المسار
إضافةً للموضوعات التي ذکرناها، یجب أن نلفت الأنظار إلی أنّ الزوج الصالح (و مع أهمیته) یعتبر نصف الطریق فقط و یجب أن لا نکتفي به و النصف الآخر هو السلوک الحسن و البقاء و المعاضدة جنباً إلی جنب في کل منعطفات الحیاة.
هذا الأمر قضیة مهمّة له الدور الأساسي في سعادة الإنسان في بقیة حیاته.
إذن فلنتّخذ هدفاً ربّانیاً لحیاتنا و لنعیش لحظات حیاتنا کما یُحبّ و یَرضی.
_________________________
الهوامش:
1- سورة الرحمن، الآیة 26 و 27
2- سورة البقرة، الآیة 1383- بحار الأنوار، مجلد 43، صفحة 1174- سورة الروم، الآیة 21
أهداف الزواج
إن أهم أهداف الزواج هي كما يلي :
أولاً ـ الحصول على الاستقرار :
إن نمو الإنسان ووصوله إلى مرحلة البلوغ يتسبب في ظهور تغيرات متعددة تطال الإنسان جسماً وروحاً وفكراً ، تشكّل بمجموعها نداء الزواج .
وفي هذه المرحلة ينبغي على الإنسان أن يستجيب إلى هذا النداء الطبيعي فإن التغافل عن ذلك أو إهماله سيؤدي إلى بروز الاضطرابات النفسية العنيفة التي لا يمكن أن تهدأ إلا بعد العثور على إنسان يشاركه حياته ، وعندها سيشعر بالهدوء والسلام .
وإذن فإن أحد أهداف الزواج هو تحقيق حالة من الاستقرار النفسي والبدني والفكري والأخلاقي ، وفي ظلال هذه الحياة المشتركة ينبغي على الزوجين العمل على تثبيت هذه الحالة التي تمكنهم من النمو الشامل .
ولقد أثبتت التجارب أنه عندما تزداد أمواج الحياة عنفاً ، وحين يهدّد خطر ما أحد الزوجين فإنهما يلجآن إلى بعضهما لتوفير حالة من الأمن يمكنهما من مواجهة الحياة والمضي قدماً .
وعليه فإن الزواج ينبغي أن يحقّق حالة الاستقرار وإلا فإن الحياة سوف تكون جحيماً لا يطاق .
ثانياً ـ التكامل :
ينتاب الفتى والفتاة لدى وصولهما سن البلوغ إحساس بالنقص ، ويتلاشى هذا الإحساس في ظل الزواج وتشكيل الأسرة حيث يشعر الطرفان بالتكامل الذي يبلغ ذروته بعد ولادة الطفل الأول .
ويؤثر الزواج تأثيراً بالغ الأهمية في السلوك وتبدأ مرحلة من النضج والاتجاه نحو الكمال حيث تختفي الفوضى في العمل والتعامل بعد أن يسعى كل طرف بإخلاص وصميمية تسديد الطرف الآخر وإسداء النصح إليه ، وخلال ذلك تولد علاقة إنسانية تعزز من روابط الطرفين وتساعدهما في المضي قدماً نحو الكمال المنشود .
ثالثاً ـ الحفاظ على الدين :
ما أكثر أولئك الذين دفعت بهم غرائزهم فسقطوا في الهاوية وتلوثت نفوسهم وفقدوا عقيدتهم . ولذا فإن الزواج يجنّب الإنسان السقوط في تلك المنزلقات الخطرة ؛ وقد ورد في الحديث الشريف : ( من تزوج فقد أحرز نصف دينه . . ) والزواج لا يكفل للمرء عدم السقوط فحسب بل يوفّر له جواً من الطمأنينة يمكّنه من عبادة الله سبحانه والتوجه إليه ، ذلك إن إشباع الغرائز بالشكل المعقول يخلّف حالة من الاستقرار النفسي الذي يعتبر ضرورة من ضرورات الحياة الدينية .
وعلى هذا فإن الزواج الذي يعرّض دين الانسان إلى الخطر ، الزواج الذي يخلّصه من الوقوع في حبائل الغريزة الجنسية ليقع في حبائل أخرى مثل الكذب والخيانة والممارسات المحرّمة لا يمكن أن يعتبر زواجاً بل فخاً جديداً للشقاء ؛ والزواج الذي تنجم عنه المشاكل والنزاعات وايذاء الجيران بالصراخ . . الزواج الذي يكدر صفو الأقرباء والأصدقاء ليس زواجاً بل عقاباً .
رابعاً ـ بقاء النسل :
لقد أودع الله الرغبة لدى الإنسان لاستمرار النوع . ولا شك أن مجيء الأطفال كثمرة للزواج يعتبر ، لدى أولئك الذين يبحثون عن اللذائذ والمتع فقط ، أشخاصاً مزاحمين وغير مرغوب فيهم ، ولذا فإن للزواج بعداً معنوياً ينبغي أن يؤخذ بنظر الاعتبار لكي يكون مدعاة للتكامل والسير في طريق الكمال .
وما أكثر الزيجات التي آلت إلى الفشل بسبب غياب البعد الإلهي فيها ، وما أكثر الفتيات والشبان الذين تزوجوا من أجل الثراء أو الجمال أو الشهرة ، ولكن ـ وبعد مرور وقت قصير ـ شعروا بالمرارة وغرقوا في بحرٍ من المشكلات .
المصدر مركز البيت العالمي للمعلومات
مواصفات الزواج الاسلامي
الزواج من أهم المسائل التي اعتنى بها الإسلام عناية خاصة، وأعطاها رعاية زائدة جداً، واهتم اهتماماً شاملاً بكل التفاصيل والأمور المرتبطة بها، لأن الزواج هو الحجر الأساس والمدماك الرئيس لبناء المجتمعات البشرية قديماً وحديثاً ومستقبلاً.
ومن يرجع إلى كتاب الله وسُنَّة نبيه محمد (ص) يجد الدلالة على أهمية الزواج واضحة جداً، حيث أشارت الآيات الكريمة إلى العديد من القضايا المرتبطة بالزواج وآثاره من المعاشرة والنفقة والأولاد.
وكذلك في أحاديث النبي (ص) والأئمة المعصومين (ع) نجد الكثير من الأحاديث التي تتحدث بتوسعة عن كل صغيرة وكبيرة مرتبطة بالزواج.
وهذا كله إن دل على شيء، فهو يدل على حرص الإسلام وع نايته الكبيرة بالزواج والقضايا المتفرعة عنه.
وأما ما ورد في القرآن عن هذا الأمر، فيمكن انتخاب ما يلي من الآيات:
1 ـ أهمية الزواج: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) (الروم: 21).
2 ـ المعاشرة والمعاملة بين الزوجين: (هن لباس لكم، وأنتم لباس لهن) (البقرة: 187). (والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرّؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم) (النور: 26).
3 ـ دفع المهر للزوجة: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً) (النساء: 4).
4 ـ حرمة الزواج بالكافر: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) (البقرة: 221).
5 ـ الإرضاع: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) (البقرة: 233).
وأما ما ورد في السُّنَّة النبوية وأحاديث المعصومين (ع) فننتخب منه ما يلي:
1ـ أهمية الزواج: (ما بني في الإسلام بناء أحبُّ إلى الله عزَّ وجلَّ من التزويج)(1).
(من نكح لله، وأنكح لله، استحق ولاية الله)(2).
(من أحبَّ أن يلقى الله طاهراً فليلقه بزوجة)(3).
(لو لم تكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة، ولا سُنَّة متَّبعة، لكان مما جعل الله فيه من برِّ القريب وتآلف البعيد، ما رغب فيه العاقل اللبيب، وسارع إليه الموفَّق المصيب)(4).
(النكاح سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس بمني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم)(5).
2ـ الزواج نصف الدين: (إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر)(6).
(من تزوج فقد أعطي نصف العبادة)(7).
3ـ فضل عبادة المتزوج: (المتزوج القائم أفضل عند الله من الصائم القائم العزب)(8).
(ركعتان يصليهما متزوج أفضل من سبعين ركعة يصليهما غير المتزوج)(9).
4ـ مواصفات الزوجين: (أتى رجل رسول الله (ص) يستأمره في النكاح، فقال: نعم انكح، وعليك بذات الدين)(10). (لا يُختار حسن وجه المرأة على حسن دينها)(11).
(تُنكح المرأة على أربع خلال، على مالها، وعلى دينها، وعلى جمالها، وعلى حسبها ونسبها، فعليك بذات الدين)(12).
(إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته يخطب إليكم فزوجوه، إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)(13).
(إن خطب إليك رجل رضيت دينه وخلقه فزوِّجه، ولا يمنعك فقره وفاقته). قال الله تعالى: (وإن يتفرقا يغنِ الله كلاً من سعته)، وقال (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)(14).
5ـ إختيار المرأة الوَلود والمؤمنة: (تزوجوا في الحجر الصالح، فإن العرق دساس)(15).
(تخيروا لنطفكم، فانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم)(16).
(إنما زوجت مولاي زيد بن حارثة زينب بنت جحش، وزوجت المقداد ضباعة بنت الزبير، لتعلموا أن أكرمكم عند الله أحسنكم إسلاماً )(17).
6ـ المعاملة بين الزوجين: (لا غنى للزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال هُنَّ: صيانة نفسها عن كل دنس حتى يطمئن قلبه أن الثقة بها في حال المحبوب والمكروه، وحياطته ليكون ذلك عاطفاً عليها عند زلةٍ تكون منها، وإظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه)(18).
(ما زال جبرئيل يوصيني بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلا في فاحشة مبيِّنة)(19).
(قول الرجل للمرأة إني أحبك لا يذهب من قلبها أبداً)(20).
(وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عزَّ وجلَّ جعلها لك سكناً وأُنساً، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها)(21).
(أيما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تريد به صلاحاً إلا نظر الله إليها، ومن نظر الله إليه لم يعذبه)(22).
(جلوس المرء عند عياله أحبُّ إلى الله من اعتكافٍ في مسجدي هذا)(23).
(إن الرجل ليؤجر في رفع اللقمة إلى فيِّ "فم" امرأته)(24).
7ـ الإنفاق على المنزل الزوجي: (إن المؤمن يأخذ بأدب الله، إذا أوسع الله عليه اتسع، وإذا أمسك عنه أمسك)(25).
(من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج، وليبدأ بالإناث قبل الذكور)(26).
(إن أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله)(27).
إن كل ما أوردناه من الآيات والروايات هو غيض من فيض مما ورد في شأن الزواج في الكتاب والسُّنَّة. وهذا كله مؤشر إلى أن الزواج من وجهة نظر الإسلام هو الحصن المنيع للمجتمع المؤمن الملتزم، فإذا كان الزواج صالحاً وناجحاً ومؤدياً أهدافه الإسلامية من النواحي الأخلاقية والإيمانية والتربوية والسلوكية ومنتجاً للأولاد المؤمنين الصالحين الملتزمين، فمثل هذا الزواج كفيل ببناء المجتمع القوي المتماسك الموحد والمتجانس والقادر على تحمُّل الأعباء والمسؤوليات في كل مواقع الحياة الايجابية منها والسلبية. والزواج بالمواصفات الإسلامية هو الذي ينتج السلالة الطاهرة والذرية النظيفة غير الملوثة بالموبقات والآثام والقابلة للانحراف والضياع كما هو الحال في مجتمع الغرب الذي تفكك وتحلل نتيجة تفكك الأسرة، وتحللها بفعل الفساد وضياع الضوابط والموازين الشرعية والأخلاقية والإيمانية.
من هنا، نأمل من كل طامح للزواج، شاباً كان أو فتاة البحث عن الشريك الذي تتحقق فيه المواصفات التي ذكرنا نماذج منها في هذه المقالة، ليكون الزواج مؤسسة ناجحة يلعب فيها كل من الزوجين دوره في بناء الأسرة الصالحة المؤمنة الواعية والقادرة على الانخراط في الحياة الاجتماعية من موقع البناء والمساعدة في رفع مستوى الحصانة والممانعة ضد كل عوامل الفساد والانحراف والانحطاط الأخلاقي والسلوكي والتربوي.
المصدر من شبكة رافد للتنمية الثقافية
الهوامش: (1) عن رسول الله (ص)، مستدرك الوسائل، ج14، ص152، ح16345 16.
(2) عنه (ص)، ميزان الحكمة، ج2، ص1178، عن المحجّة البيضاء، ج3، ص53 و54.
(3) عنه (ص)، وسائل الشيعة، ج14، باب كراهة العزوبة وترك التزويج، ح15.
(4) عن الإمام الرضا (ع)، مستدرك الوسائل، ج14، باب جواز التزويج بغير بينة، ح16521 15.
(5) عنه (ص)، ميزان الحكمة، ج2، ص1178، عن كنز العمال.
(6) عنه (ص)، وسائل الشيعة، ج20 (آل البيت)، باب استحباب النكاح، ح12.
(7) عنه (ص)، بحار الأنوار، ج100، ص220، ح22.
(8) عنه (ص)، مستدرك الوسائل، ج14، ص155، ح16357 3.
(9) عن الإمام الصادق (ع)، بحار الأنوار، ج100، ص219، ح15 عن ثواب الأعمال.
(10) الكافي، ج5، ص332، ح1.
(11) ميزان الحكمة، ج2، ص1181، عن كنز العمال (عنه (ص)).
(12) عنه (ص)، المصدر السابق.
(13) عنه (ص)، المصدر السابق عن البحار.
(14) عن الإمام الرضا (ع)، مستدرك الوسائل، ج14، ص188، ح16468 3 عن فقه الرضا (ع).
(15) عنه (ص)، ميزان الحكمة، ج2، ص1183 عن كنز العمال.
(16) عنه (ص)، المصدر السابق عن كنز العمال.
(17) عنه (ص)، المصدر السابق عن كنز العمال.
(18) عن الإمام الصادق (ع)، تحف العقول، ص323.
(19) عنه (ص)، عدة الداعي، ص81.
(20) عن الإمام الصادق (ع)، الكافي، ج5، ص569، ح59.
(21) عن الإمام زين العابدين (ع)، أمالي الصدوق، ص453.
(22) عنه (ص)، أمالي الصدوق، ص496.
(23) عنه (ص)، ميزان الحكمة، ج2، ص1186 عن تنبيه الخواطر.
(24) عنه (ص)، المصدر السابق عن المحجة البيضاء.
(25) عنه (ص)، الكافي، ج4، ص12، ح12.
(26) عنه (ص)، أمالي الصدوق، ص672، ح904، 6.
(27) عن الإمام علي بن الحسين (ع)، الكافي، ج4، ص11، ح1
نسألكم الدعاء لي وللمؤمنين مع تمنياتي للجميع بحياة زوجية آمنة ومستقرة وسعيدة وهانئة
إلهام الأحمد
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا العمل اهداء الى سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء والى ابيها وبعلها وبنيها عليهم افضل الصلاة وازكى السلام
والى كل من بحث وفكر و جد واجتهد
وكتب هذه الاسطر
ولكل من شارك في نشر هذه العلوم والمعارف..حتى وصلت ليدي
والى والداي حفظهما الله
والى افراد اسرتي الصغيرة وبالخصوص ربها
والى أحبتي في كل مكان
مع تمنياتي للجميع بحياة زوجية سعيدة وهانئة
إلهام الأحمد
الغایة من الزواج
المصدر موقع الرشد الشيعي الاسلامي
نقلته بتصرف
المصیر الأبدي
یجب علی الإنسان أن یتّبع غایةً أساسیةً، لا فقط في أمر الزواج فحسب، بل في کل أمور و مراحل حیاته؛ و هذه الغایة هي طاعة الرب و التقرّب إلیه سبحانه و تعالی. و إنّ کل غایة سواها فارغة و زائلة، و لو کان عمل الإنسان لتنفیذ أمر الرب و کان هدفه إطاعة المعبود و عبودیته، فإنّ عمله لن یکون محدوداً بهذه الدنیا الفانیة، فانّ عمله سیتّصل بالله سبحانه و تعالی و یتّخذ صبغة إلهیة و سیجني الإنسان من ثمراته إلی الأبد و یقدّم صاحبه خطوة نحو خالقه الرحیم. و القرآن أیضاً یذکّرنا في مواقف عدّة بهذه النقطة، حیث یقول البارئ سبحانه و تعالی: " کل من علیها فان، و یبقی وجه ربک ذو الجلال و الإکرام " (1) و أيضاً یقول : " صبغة الله و من أحسن من الله صبغة . . . " (2)
من الممکن أن تکون هذه تجربة جدیدة في حیاتنا أو تکون هدفاً مثالیاً و غیر قابل للوصول في رؤيتنا، لکنّه و بالحقیقة و الواقع قابل للوصول و لو حصلنا علیه سوف ينفتح أمام أعیننا عالم جدید و من الممکن أن نشاهد مناظر من الجنة في حیاتنا الزوجیة.
معاً في سبیل المحبوب
بما أنّ الزواج مرحلة حساسة من مراحل حیاة الإنسان و لها أثرها المصیري في حیاته المادّیة و المعنویة، فأنّ تعیین الغایات الأساسیة في أمر الزواج تفوق أهمیتها سائر مجالات الحیاة. و تقول لنا التعالیم الإسلامیة بأن نجعل غایتنا من الزواج، التقرّب إلی الله و طاعته و یعني هذا أن نجعل هدفنا من الحیاة الزوجیة المساعدة و التعاون في طاعة و عبودیته الله سبحانه و تعالی. و یسعی الإثنان (الزوج و الزوجة) في کسب مرضاة الخالق في کل الأمور و أداء الواجب في جمیع لحظات الحیاة و أن یساعد الزوج زوجته في هذا المجال.
لو أخذت حیاتنا الزوجیة هذه الصبغة و بنیت علی هذا الأساس، سیزداد الحُبّ بینهم شیئاً فشیئاً و من البدیهي أن تکون هذه الحياة الجديدة (و حسب ما قدمناه) أبدية لا یدخل فیها الفناء. بما أنّ الأئمة الأطهار (علیهم السلام) و في کلام لهم، بیّنوا لنا أن مثل هذه الحیاة الزوجیة لا تنقطع حتی في الجنة و سیکون نور الزوجة أکثر من حور العین ألتي شاع صیت حسنها. و سیعیش الإثنان (الزوج و الزوجة) في الجنة جنباً إلی جنب.
زوجة هکذا ...
أنّ من المستلزمات الزوجة التي تستطیع أن تساعد الزوج في ذلک الطریق، أن تنتخب الزوجة کزوجها ذلک الهدف (المذکور) من بین الأهداف المختلفة ألتي یختارها الناس لحیاتهم، بوعیٍ و حرّیةٍ کاملین. و الصفة البارزة لهؤلاء الناس أنّهم یسعون في تقوی الله و إجتناب المحرّمات.
أمّا من الناحیة العملیة، فکیف نستطیع أن نتطلّع علی صفات الزوج الذي نرید إختیاره و کیف نختبره؟
علینا أن نلاحظ أنّ لعائلة الزوجة تأثیراً عمیقاً علی أخلاقها و صفاتها، فإن کان نظماً و تفاهماً عاماً یسود عائلة الزوجة، فهذا یعتبر ميزة غالية؛ نقصد أن یکون الأب حین تلاطفه و أنسه بالأسرة، مدیراً قویاً لهم و أنّ الأمّ لا تنسی المحبة و العاطفة للعائلة خلال منعطفات الحیاة المتتالیة.
و علی هذا الأساس و بغضّ النظر عن التأثیرات الإجتماعیة و أثرات البیئة في المجتمعات المختلفة، فمن الطبیعي أن یکون أساس شخصیة الإبن و کیانه یشبه الأب و کذلک البنت للأم فأنّه بالتدقیق في شخصیة و صفات الأب و الأم، یمکننا أن نطّلع بصورة نسبيّة إطّلاعاً علی شخصیة و صفات و أهداف الإبن أو البنت الذي أو التي نريد الزواج معه أو معها في المستقبل.
الإستفسار و السؤال من أقارب عائلة الزوج یعتبر أیضاً وسیلة مناسبة تساعدنا کثیراً في هذا المجال. و أیضاً یجب علینا أن نعلم أنّ الجمال و الإناقة هي مهمّة و لکن بالدرجة الثانیة من الأهمیة و الأهمّ هو الخلق الحسن و الهدف المتعالي، لأنّ الإنسان یعیش مع أخلاق زوجه و سلوکه لا مع جماله و لا حتی دراساته العليا و لذا لو بحثنا سنجد أنّ کثیراً من الرجال و زوجاتهم لهم مدارج علمیة عالیة، أو لهم صفات ظاهریة فريدة، و لکن مع ذلک یعیشون حیاة زوجیة سیئة للغایة.
إذن لا یبقی لنا أدنی شکّ بأنّ أساس و عمق الحُب و العطوفة الموجودة بین الزوجین و إستحکام حیاتهما الزوجیة یعود إلی الحوافز و الأهداف لهذا الزواج. إذن فانّ أرقی الأهداف للزواج، ستُحدث أقوی الصِلات بین الزوجین في حیاتهم. و لو إنتخبا الأهداف الإلهیة حقاً، فإنّ من الطبیعي سیسعيان للوصول إلی هذه الأهداف في جمیع لحظات حیاتهما و سیساعد الواحد منهما الآخر في هذا الطریق و في هذا الشکل من الحیاة الزوجیة، ستتأصّل المحبة و العطوفة و تدوم.
أجمل زواج، أقوی حُب
إنّ النموذج البارز للحیاة المفعمة بالمحبة التي ذکرناها، حیاة أمیرالمؤمنین و فاطمة الزهراء (سلام الله علیهما) و یجدر بنا أن نشیر هنا إلی مقتطفٍ منها کشاهد علی ما مضی من کلامنا. الحیاة التي کان سبب الوحدة و الألفة فيها و بين أرکانها حُبّ الله و کانت لحظات تلک الحیاة مليئة بذکره سبحانه دوماً ...
بعدما زوّج الرسول (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فاطمة الزهراء (علیها سلام) من أمیرالمؤمنین (علیه السلام)، دخل یوماً في بیتهم، فسأل علياً (علیه السلام) : کيف وجدت أهلک؟ قال: "نعم العون علی طاعة الله". و سأل فاطمة (علیها سلام) فقالت: "خير بعل". فقال الرسول: "اللّهمّ اجمع شملهما و ألّف بين قلوبهما و اجعلهما و ذرّيّتهما من ورثة جنّة النّعيم و ارزقهما ذرّيّةً طاهرةً طيّبةً مباركةً و اجعل في ذرّيّتهما البركة و اجعلهم أئمّةً يهدون بأمرك إلى طاعتك و يأْمرون بما يرضيك."(3) لو تأمّلنا قلیلاً، سنستغرب و نتعجّب کثیراً. فانّه و مع وجود شتی الکمالات الموجودة في فاطمة الزهراء (علیها سلام)، فأنّ أمیرالمؤمنین (علیه السلام) عندما یرید وصفها، تکون قمّة کلامه هي أنّها نعم العون علی طاعة الله.
و هذا مع العلم بأنّهما لم یکونا قد ترکا الحیاة العادّیة إشتغالاً بالعبادة دوماً، بل کانا کسائر الناس یعیشان حیاتهما الطبیعیة، و لکن کانت غایتهما من النوم و الطعام و العمل و سائر أرکان الحیاة هي طاعة الخالق و تحصیل رضاه سبحانه و تعالی و کانا یقصدانه و یبغيانه و لا یشرکان به أحداً.
و هنا یَکمن السرّ المحبة و العاطفة التي کانت موجودة بینهما. نعم، إنّ رضاه سبحانه و تعالی یخلق أقوی بناء وثیق في العالم.
الزواج هو السکون و الطمأنینة الشاملة
متابعة لهذه الرؤية إلی قضية الزواج، فانّ النتاج العملي الذي یذکره القرآن الکریم للزواج هو السکون و الطمأنینة الشاملة لکل أبعاد و کیان الإنسان، و کما تعلمون فإنّ الله سبحانه و تعالی یعتبر غایة الزواج الحصول علی السکون و الطمأنینة و یقول عزّ من قال: "و من آیاته أن خلق لکم من أنفسکم أزواجاً لتسکنوا إلیها و جعل بینکم مودّة و رحمة إنّ في ذلک لآیاتٍ لقوم یتفکّرون"(4) و بما أنّه سبحانه و تعالی لم یجعل قیداً للسکون و الطمأنینة، نستنتج أنّ الطمأنینة الحاصلة من الزواج تظهر في کل شؤون الحیاة و أنّ الزوجین سیحصلان علی طمأنینة و سکون في الأمور الإقتصادیة و الإجتماعیة و المادّیة و الأهمّ من ذلک المعنویة و النفسیة، حیث يبتعد عنهم التشويش و القلق و الإضطراب الکامن في وجودهم.
من الطبیعي أن یکون الحصول علی السکون و الطمأنینة في الشؤون المادّیة و المعنویة، هو إحدی الحوافز للإنسان یحرّکه نحو الزواج؛ لأنّه و قبل الزواج فأنّ الإنسان یشعر بوجود إضطراب و قلق في أعماقه و یسعی في إزالتهما. و عندما یسعی نحو الزواج طاعةً لأمر الله و تقرّباً به سیحصل علی السکون و الطمأنینة أکثر من آخرين، لأنّه و بنصّ القرآن الکریم فانّ الأمر الذي یشفي صدر کل إنسان و یطمأنه هو ذکر الله سبحانه و تعالی.
بدایة حسنة، مقدّمة لمواصلة المسار
إضافةً للموضوعات التي ذکرناها، یجب أن نلفت الأنظار إلی أنّ الزوج الصالح (و مع أهمیته) یعتبر نصف الطریق فقط و یجب أن لا نکتفي به و النصف الآخر هو السلوک الحسن و البقاء و المعاضدة جنباً إلی جنب في کل منعطفات الحیاة.
هذا الأمر قضیة مهمّة له الدور الأساسي في سعادة الإنسان في بقیة حیاته.
إذن فلنتّخذ هدفاً ربّانیاً لحیاتنا و لنعیش لحظات حیاتنا کما یُحبّ و یَرضی.
_________________________
الهوامش:
1- سورة الرحمن، الآیة 26 و 27
2- سورة البقرة، الآیة 1383- بحار الأنوار، مجلد 43، صفحة 1174- سورة الروم، الآیة 21
أهداف الزواج
إن أهم أهداف الزواج هي كما يلي :
أولاً ـ الحصول على الاستقرار :
إن نمو الإنسان ووصوله إلى مرحلة البلوغ يتسبب في ظهور تغيرات متعددة تطال الإنسان جسماً وروحاً وفكراً ، تشكّل بمجموعها نداء الزواج .
وفي هذه المرحلة ينبغي على الإنسان أن يستجيب إلى هذا النداء الطبيعي فإن التغافل عن ذلك أو إهماله سيؤدي إلى بروز الاضطرابات النفسية العنيفة التي لا يمكن أن تهدأ إلا بعد العثور على إنسان يشاركه حياته ، وعندها سيشعر بالهدوء والسلام .
وإذن فإن أحد أهداف الزواج هو تحقيق حالة من الاستقرار النفسي والبدني والفكري والأخلاقي ، وفي ظلال هذه الحياة المشتركة ينبغي على الزوجين العمل على تثبيت هذه الحالة التي تمكنهم من النمو الشامل .
ولقد أثبتت التجارب أنه عندما تزداد أمواج الحياة عنفاً ، وحين يهدّد خطر ما أحد الزوجين فإنهما يلجآن إلى بعضهما لتوفير حالة من الأمن يمكنهما من مواجهة الحياة والمضي قدماً .
وعليه فإن الزواج ينبغي أن يحقّق حالة الاستقرار وإلا فإن الحياة سوف تكون جحيماً لا يطاق .
ثانياً ـ التكامل :
ينتاب الفتى والفتاة لدى وصولهما سن البلوغ إحساس بالنقص ، ويتلاشى هذا الإحساس في ظل الزواج وتشكيل الأسرة حيث يشعر الطرفان بالتكامل الذي يبلغ ذروته بعد ولادة الطفل الأول .
ويؤثر الزواج تأثيراً بالغ الأهمية في السلوك وتبدأ مرحلة من النضج والاتجاه نحو الكمال حيث تختفي الفوضى في العمل والتعامل بعد أن يسعى كل طرف بإخلاص وصميمية تسديد الطرف الآخر وإسداء النصح إليه ، وخلال ذلك تولد علاقة إنسانية تعزز من روابط الطرفين وتساعدهما في المضي قدماً نحو الكمال المنشود .
ثالثاً ـ الحفاظ على الدين :
ما أكثر أولئك الذين دفعت بهم غرائزهم فسقطوا في الهاوية وتلوثت نفوسهم وفقدوا عقيدتهم . ولذا فإن الزواج يجنّب الإنسان السقوط في تلك المنزلقات الخطرة ؛ وقد ورد في الحديث الشريف : ( من تزوج فقد أحرز نصف دينه . . ) والزواج لا يكفل للمرء عدم السقوط فحسب بل يوفّر له جواً من الطمأنينة يمكّنه من عبادة الله سبحانه والتوجه إليه ، ذلك إن إشباع الغرائز بالشكل المعقول يخلّف حالة من الاستقرار النفسي الذي يعتبر ضرورة من ضرورات الحياة الدينية .
وعلى هذا فإن الزواج الذي يعرّض دين الانسان إلى الخطر ، الزواج الذي يخلّصه من الوقوع في حبائل الغريزة الجنسية ليقع في حبائل أخرى مثل الكذب والخيانة والممارسات المحرّمة لا يمكن أن يعتبر زواجاً بل فخاً جديداً للشقاء ؛ والزواج الذي تنجم عنه المشاكل والنزاعات وايذاء الجيران بالصراخ . . الزواج الذي يكدر صفو الأقرباء والأصدقاء ليس زواجاً بل عقاباً .
رابعاً ـ بقاء النسل :
لقد أودع الله الرغبة لدى الإنسان لاستمرار النوع . ولا شك أن مجيء الأطفال كثمرة للزواج يعتبر ، لدى أولئك الذين يبحثون عن اللذائذ والمتع فقط ، أشخاصاً مزاحمين وغير مرغوب فيهم ، ولذا فإن للزواج بعداً معنوياً ينبغي أن يؤخذ بنظر الاعتبار لكي يكون مدعاة للتكامل والسير في طريق الكمال .
وما أكثر الزيجات التي آلت إلى الفشل بسبب غياب البعد الإلهي فيها ، وما أكثر الفتيات والشبان الذين تزوجوا من أجل الثراء أو الجمال أو الشهرة ، ولكن ـ وبعد مرور وقت قصير ـ شعروا بالمرارة وغرقوا في بحرٍ من المشكلات .
المصدر مركز البيت العالمي للمعلومات
مواصفات الزواج الاسلامي
الزواج من أهم المسائل التي اعتنى بها الإسلام عناية خاصة، وأعطاها رعاية زائدة جداً، واهتم اهتماماً شاملاً بكل التفاصيل والأمور المرتبطة بها، لأن الزواج هو الحجر الأساس والمدماك الرئيس لبناء المجتمعات البشرية قديماً وحديثاً ومستقبلاً.
ومن يرجع إلى كتاب الله وسُنَّة نبيه محمد (ص) يجد الدلالة على أهمية الزواج واضحة جداً، حيث أشارت الآيات الكريمة إلى العديد من القضايا المرتبطة بالزواج وآثاره من المعاشرة والنفقة والأولاد.
وكذلك في أحاديث النبي (ص) والأئمة المعصومين (ع) نجد الكثير من الأحاديث التي تتحدث بتوسعة عن كل صغيرة وكبيرة مرتبطة بالزواج.
وهذا كله إن دل على شيء، فهو يدل على حرص الإسلام وع نايته الكبيرة بالزواج والقضايا المتفرعة عنه.
وأما ما ورد في القرآن عن هذا الأمر، فيمكن انتخاب ما يلي من الآيات:
1 ـ أهمية الزواج: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) (الروم: 21).
2 ـ المعاشرة والمعاملة بين الزوجين: (هن لباس لكم، وأنتم لباس لهن) (البقرة: 187). (والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرّؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم) (النور: 26).
3 ـ دفع المهر للزوجة: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً) (النساء: 4).
4 ـ حرمة الزواج بالكافر: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) (البقرة: 221).
5 ـ الإرضاع: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) (البقرة: 233).
وأما ما ورد في السُّنَّة النبوية وأحاديث المعصومين (ع) فننتخب منه ما يلي:
1ـ أهمية الزواج: (ما بني في الإسلام بناء أحبُّ إلى الله عزَّ وجلَّ من التزويج)(1).
(من نكح لله، وأنكح لله، استحق ولاية الله)(2).
(من أحبَّ أن يلقى الله طاهراً فليلقه بزوجة)(3).
(لو لم تكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة، ولا سُنَّة متَّبعة، لكان مما جعل الله فيه من برِّ القريب وتآلف البعيد، ما رغب فيه العاقل اللبيب، وسارع إليه الموفَّق المصيب)(4).
(النكاح سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس بمني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم)(5).
2ـ الزواج نصف الدين: (إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر)(6).
(من تزوج فقد أعطي نصف العبادة)(7).
3ـ فضل عبادة المتزوج: (المتزوج القائم أفضل عند الله من الصائم القائم العزب)(8).
(ركعتان يصليهما متزوج أفضل من سبعين ركعة يصليهما غير المتزوج)(9).
4ـ مواصفات الزوجين: (أتى رجل رسول الله (ص) يستأمره في النكاح، فقال: نعم انكح، وعليك بذات الدين)(10). (لا يُختار حسن وجه المرأة على حسن دينها)(11).
(تُنكح المرأة على أربع خلال، على مالها، وعلى دينها، وعلى جمالها، وعلى حسبها ونسبها، فعليك بذات الدين)(12).
(إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته يخطب إليكم فزوجوه، إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)(13).
(إن خطب إليك رجل رضيت دينه وخلقه فزوِّجه، ولا يمنعك فقره وفاقته). قال الله تعالى: (وإن يتفرقا يغنِ الله كلاً من سعته)، وقال (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)(14).
5ـ إختيار المرأة الوَلود والمؤمنة: (تزوجوا في الحجر الصالح، فإن العرق دساس)(15).
(تخيروا لنطفكم، فانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم)(16).
(إنما زوجت مولاي زيد بن حارثة زينب بنت جحش، وزوجت المقداد ضباعة بنت الزبير، لتعلموا أن أكرمكم عند الله أحسنكم إسلاماً )(17).
6ـ المعاملة بين الزوجين: (لا غنى للزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال هُنَّ: صيانة نفسها عن كل دنس حتى يطمئن قلبه أن الثقة بها في حال المحبوب والمكروه، وحياطته ليكون ذلك عاطفاً عليها عند زلةٍ تكون منها، وإظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه)(18).
(ما زال جبرئيل يوصيني بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلا في فاحشة مبيِّنة)(19).
(قول الرجل للمرأة إني أحبك لا يذهب من قلبها أبداً)(20).
(وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عزَّ وجلَّ جعلها لك سكناً وأُنساً، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها)(21).
(أيما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تريد به صلاحاً إلا نظر الله إليها، ومن نظر الله إليه لم يعذبه)(22).
(جلوس المرء عند عياله أحبُّ إلى الله من اعتكافٍ في مسجدي هذا)(23).
(إن الرجل ليؤجر في رفع اللقمة إلى فيِّ "فم" امرأته)(24).
7ـ الإنفاق على المنزل الزوجي: (إن المؤمن يأخذ بأدب الله، إذا أوسع الله عليه اتسع، وإذا أمسك عنه أمسك)(25).
(من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج، وليبدأ بالإناث قبل الذكور)(26).
(إن أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله)(27).
إن كل ما أوردناه من الآيات والروايات هو غيض من فيض مما ورد في شأن الزواج في الكتاب والسُّنَّة. وهذا كله مؤشر إلى أن الزواج من وجهة نظر الإسلام هو الحصن المنيع للمجتمع المؤمن الملتزم، فإذا كان الزواج صالحاً وناجحاً ومؤدياً أهدافه الإسلامية من النواحي الأخلاقية والإيمانية والتربوية والسلوكية ومنتجاً للأولاد المؤمنين الصالحين الملتزمين، فمثل هذا الزواج كفيل ببناء المجتمع القوي المتماسك الموحد والمتجانس والقادر على تحمُّل الأعباء والمسؤوليات في كل مواقع الحياة الايجابية منها والسلبية. والزواج بالمواصفات الإسلامية هو الذي ينتج السلالة الطاهرة والذرية النظيفة غير الملوثة بالموبقات والآثام والقابلة للانحراف والضياع كما هو الحال في مجتمع الغرب الذي تفكك وتحلل نتيجة تفكك الأسرة، وتحللها بفعل الفساد وضياع الضوابط والموازين الشرعية والأخلاقية والإيمانية.
من هنا، نأمل من كل طامح للزواج، شاباً كان أو فتاة البحث عن الشريك الذي تتحقق فيه المواصفات التي ذكرنا نماذج منها في هذه المقالة، ليكون الزواج مؤسسة ناجحة يلعب فيها كل من الزوجين دوره في بناء الأسرة الصالحة المؤمنة الواعية والقادرة على الانخراط في الحياة الاجتماعية من موقع البناء والمساعدة في رفع مستوى الحصانة والممانعة ضد كل عوامل الفساد والانحراف والانحطاط الأخلاقي والسلوكي والتربوي.
المصدر من شبكة رافد للتنمية الثقافية
الهوامش: (1) عن رسول الله (ص)، مستدرك الوسائل، ج14، ص152، ح16345 16.
(2) عنه (ص)، ميزان الحكمة، ج2، ص1178، عن المحجّة البيضاء، ج3، ص53 و54.
(3) عنه (ص)، وسائل الشيعة، ج14، باب كراهة العزوبة وترك التزويج، ح15.
(4) عن الإمام الرضا (ع)، مستدرك الوسائل، ج14، باب جواز التزويج بغير بينة، ح16521 15.
(5) عنه (ص)، ميزان الحكمة، ج2، ص1178، عن كنز العمال.
(6) عنه (ص)، وسائل الشيعة، ج20 (آل البيت)، باب استحباب النكاح، ح12.
(7) عنه (ص)، بحار الأنوار، ج100، ص220، ح22.
(8) عنه (ص)، مستدرك الوسائل، ج14، ص155، ح16357 3.
(9) عن الإمام الصادق (ع)، بحار الأنوار، ج100، ص219، ح15 عن ثواب الأعمال.
(10) الكافي، ج5، ص332، ح1.
(11) ميزان الحكمة، ج2، ص1181، عن كنز العمال (عنه (ص)).
(12) عنه (ص)، المصدر السابق.
(13) عنه (ص)، المصدر السابق عن البحار.
(14) عن الإمام الرضا (ع)، مستدرك الوسائل، ج14، ص188، ح16468 3 عن فقه الرضا (ع).
(15) عنه (ص)، ميزان الحكمة، ج2، ص1183 عن كنز العمال.
(16) عنه (ص)، المصدر السابق عن كنز العمال.
(17) عنه (ص)، المصدر السابق عن كنز العمال.
(18) عن الإمام الصادق (ع)، تحف العقول، ص323.
(19) عنه (ص)، عدة الداعي، ص81.
(20) عن الإمام الصادق (ع)، الكافي، ج5، ص569، ح59.
(21) عن الإمام زين العابدين (ع)، أمالي الصدوق، ص453.
(22) عنه (ص)، أمالي الصدوق، ص496.
(23) عنه (ص)، ميزان الحكمة، ج2، ص1186 عن تنبيه الخواطر.
(24) عنه (ص)، المصدر السابق عن المحجة البيضاء.
(25) عنه (ص)، الكافي، ج4، ص12، ح12.
(26) عنه (ص)، أمالي الصدوق، ص672، ح904، 6.
(27) عن الإمام علي بن الحسين (ع)، الكافي، ج4، ص11، ح1
نسألكم الدعاء لي وللمؤمنين مع تمنياتي للجميع بحياة زوجية آمنة ومستقرة وسعيدة وهانئة
إلهام الأحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق